سلطان باشا الأطرش - لماذا هذا الموقع
 
 
[Français]
موقع سلطان باشا الأطرش قد يطرح لدى زوّاره أسئلة، هي اليوم إشكالية ، إلا أنها كانت في زمن الثورة السورية الكبرى 1925-1927 من البدهيات التي لا تقبل النقاش، ألا وهي:
 
 "العَلمانية" و "المقاومة".
فالثورة السورية الكبرى، ومنذ انطلاقها في 23 تموز/ يوليو 1925 ، آمنت بالعَلمانية سبيلاً واضحاً للعيش في وطن واحد والتطلّع إلى مستقبل واعد واحد لبناء وطن قوي عصيّ على الدخلاء، فرفع قائدها العام سلطان باشا الأطرش شعاراً لهذه الثورة وهو:
 
 
"الدين لله والوطن للجميع".
  
في القسم الأول من هذا الشعار "الدين لله" نجد حياد الثورة السورية واضحاً على الصعيد الديني، وهذه الحيادية هي ضمان لعدم التحيّز، وبالتالي، فإن هذه الثورة قد احترمت جميع الأديان وأقصت التعصّب وأحلّت محلّه التسامح. وهكذا، فإن الفرد يستطيع التماهي في الوطن، إذ يجد نفسه على قدم المساواة مع الآخرين مهما تكن معتقداته الروحية؛ وبهذا، يتحقق القسم الثاني من شعار الثورة السورية الكبرى، وهو "الوطن للجميع".
 
تستهدف العَلمانية وحدة الشعب المرتكزة إلى المساواة في الحقوق، ومرجعيتها في ذلك الصالح العام الذي يعطي لكل فرد القدرة على الفعل الحر، وأفقها هو الديمقراطية المرتكزة إلى الشعور بالحرية والتصميم على ممارستها بشكل حقيقي. وضمن هذا الجو العَلماني، هناك مقام أساسي للعقل لا للغرائز، إذ إن للعقل  قدرة نقدية بامتياز، لا غنى لنا عنها. وبالتالي، تشجع العَلمانية على تعليم الناس الابتعاد عن الذاتي والاهتمام ببناء القدرة على المحاكمة المتنَوِّرة والمتعقِّلة للإنسان للوصول  إلى توضيح الرابطة القوية بين الصالح العام والإنجاز الشخصي، وهذا هو تفعيل المواطنة والتعايش الوطني المستنير.
 
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فقد رفعتْ الثورة السورية الكبرى شعارها "الدين لله والوطن للجميع" لتتصدى بالمقاومة الشريفة لتقسيم بلادنا الشامية إلى دويلات على أساس طائفي ومذهبي، فرضتها فرنسا منذ احتلالها سورية في العام 1920 ؛ علماً أن فرنسا هي أول دولة أوروبية تصدر قانونها العَلماني لفصل الدين عن الدولة في العام 1905 . إلا أنها، وعند احتلالها لسورية، لم تطبّق مبدأ العَلمانية فيها وإنما فعلت ما فعلت من تقسيم سورية إلى دويلات طائفية. فجاءت الثورة السورية الكبرى لتقف في وجه هذا الفعل الاستعماري الشنيع بشعارها المذكور آنفاً وبأهدافها الواضحة في ذهن قائدها منذ انطلاقها، وهي: وحدة البلاد السورية، ساحلاً وداخلاً والاستقلال التام ونيل الحرية غير المنقوصة. هذا ما أعلنه سلطان باشا الأطرش في بيانه الشهير "إلى السلاح"، بعد سحق الثوار لجيش فرنسا في معركة المزرعة 2- 3  آب/أغسطس 1925، إذ كان تعداد حملة الجنرال ميشو 13000  عسكري وضابط فرنسي، هُزموا شرّ هزيمة أمام حوالي  400  مجاهد ثائر مقاتل من أهل جبل العرب، متسلّحين بإيمانهم القوي بحقهم وبقدرتهم على استرجاع حقهم المغتصَب من المحتل الفرنسي الغاصب... ومَن قال "إن العين لا تقاوم المخرز؟!"  إنها فعلاً استطاعت مقاومته وهزمت جيش ميشو هزيمة ترجّع صداها في القارة الأوروبية، فأقامت الدنيا ولم تقعدها.
وقد التفّ الفقراء والفلاحون، "مرقّعو العبي، كما كان يلقبهم سلطان باشا الأطرش"، بفطرتهم حول هذه الثورة ، وكذلك الوطنيون من كل مكوّنات الشعب السوري والسياسيون الذين التحقوا بركبها ، ودعمها الجميع وتصدوا للاحتلال بإيمان راسخ وبمقاومة صامدة وبعتاد قديم من مخلّفات الحرب العالمية الأولى ومن مخلّفات الجيش الفرنسي حين هُزم أمامهم في معارك كثيرة .
 
قد قيل الكثير في الثورة السورية الكبرى من الفرنسيين المحتلين، الذين اعتبروا أنها قامت بسبب "التحريض الخارجي". كما رأى البعض أنها قامت تحقيقاً لمصالح محلية!
إن من واجبي هنا أن أنقل ما كتبه منصور سلطان الأطرش في تقديمه للترجمة العربية لكتاب مذكرات الكابتن كاربييه في جبل العرب، التي قام بها الأستاذ نبيل أبو صعب ونشرت في السويداء في العام 1999 ، من أجل إيضاح هذه التقوّلات:
 
 
 
"ولم يأبه كاربييه بالحقيقة التاريخية وبالوقائع التاريخية التي سبقت دخول فرنسا إلى الجبل عندما لبّى القوميون الأحرار وهم الغالبية الساحقة من أهل الجبل نداء الشريف حسين بن علي سنة 1916 ، مدلِّلين على أصالتهم القومية والتوق إلى وحدة أمتهم العربية والتحرر من النير التركي والتطلّع إلى العيش الحر الكريم بلا شرط ولا قيد. لقد خاب ظن فرنسا وتبددت أحلامها وأحلام حلفائها بفضل التمسك بالحرية وبوحدة التراب الوطني."
 
وأخيراً أقول، لم تتغير أساليب الاستعمار بين القديم والحديث، في القرنين العشرين والحادي والعشرين، فما زال المحتل يطمع بنا وبأرضنا وثرواتنا لتحقيق مصالحه بصرف النظر عن مصالحنا وكرامتنا وحياتنا. فعلينا، نحن أيضاً، ألا نغيّر من إيماننا بأن المقاومة بشتى الأساليب مطلوبة وبأن العين تستطيع مقاومة المخرز إذا صحّ العزم وصدقت النوايا.
 
 
فلنواجه َ المشاريع الاستعمارية الشريرة في فلسطين وفي قدسنا، لبّ الصراع العربي الصهيوني وأساسه، وفي الجولان، وفي العراق ولبنان واليمن والسودان، وفي كل أنحاء وطننا العربي بتحقيق الديمقراطية وحرية الإنسان وكرامته، وبرفع شعار الثورة السورية الكبرى، قولاً وعملاً، "الدين لله والوطن للجميع".
 
وفي الختام، أحب التنويه بأن إنشاء هذا الموقع هو تحقيق لوصية والدي منصور سلطان الأطرش الذي لم يمهله القدر كي يراه  على شبكة الإنترنت، لكننا كنا قد اتفقنا سوياً على محتوياته قبل رحيله. وقد اعتمدت في إنشائه على بحثي التوثيقي وعلى ما بين يدي من أرشيف كان يحتفظ به والدي ويوصيني به خير اهتمام، فقمت بتنظيمه وترتيبه كما تقتضي الضرورة.
 فهذا هو الموقع الرسمي والمعتمَد والمحقَق للقائد العام للثورة السورية الكبرى، سلطان باشا الأطرش، أضعه بين يدي الزوار والباحثين.
 
                                                                          د. ريم منصور الأطرش
 
الصفحة الرئيسية
لماذا هذا الموقع
السيرة الذاتية
بيان إلى السلاح
أهم المعارك
وصية سلطان باشا الأطرش
مقالات
في عيون الشعر
وثائق
تسجيلات
معرض الصور
أهم المراجع