سلطان باشا الأطرش - وثائق
 
 
عودة كلمة المهندس ثائر منصور الأطرش بمناسبة نقل رفات سلطان باشا الأطرش إلى النصب التذكاري لشهداء الثورة في القريّا
تاريخ الوثيقة: القريّا، 16/10/2009

الأستاذ محمد سعيد بخيتان، الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي، ممثّل السيد رئيس الجمهورية العربية السورية، الدكتور بشار الأسد،

السيدات والسادة أبناء وأحفاد المجاهدين والضيوف الكرام،

أيها الحفل الكريم،

 

تمر هذه الأيام ونحن نستعيد ذكريات انتصارات حرب تشرين التحريرية، هذه الحرب التي استعاد فيها العرب وحدتهم وقوتهم وكرامتهم وإرادتهم في تحرير أرضهم المغتصبة وبرهنوا للعالم أجمع أن المقاتل العربي يأبى الذل والهوان ويدافع عن أرضه وكرامته بالغالي والنفيس ضمن وحدة وطنية قلّ نظيرها.

هذه الوحدة الوطنية التي ميزت الثورة السورية الكبرى وشعارها الشهير "الدين لله والوطن للجميع"، والذي اعتبره قائدها العام المغفور له سلطان باشا الأطرش مبدأ ونهج حياة وليس شعاراً فحسب؛ وكان لهذا الشعار الدور الكبير في توحيد صفوف الثوار السوريين بكل فئاتهم وأطيافهم على ساحة الوطن كله خلف هذا القائد في مقاومة الاستعمار الفرنسي الغاشم في النصف الأول من القرن العشرين.

لقد آمن هذا القائد الكبير بحرية الأمة العربية ووحدتها وكان له دور بارز مع ثوار جبل العرب في الثورة العربية الكبرى، فكان فرسان جبل العرب  بقيادته في طليعة الثوار الذين وصلوا إلى دمشق ورفعوا العلم العربي فوق دار الحكومة فيها بالاتفاق  مع الشريف حسين للتدليل على عروبة الثورة.

وفي الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي، كان بيان الثورة الأول الذي دعا فيه الشعب السوري إلى الانتفاض ضد الاستعمار مخاطباً إياه بعبارة: "يا أحفاد العرب الأمجاد" تدليلاً على أن الثورة عربية. وكان من مطالب تلك الثورة في هذا البيان توحيد البلاد السورية إضافة إلى شعارها الآنف الذكر، وهذا موقف توحيدي لا تقسيمي، ووطني لا طائفي.

لقد كان يؤمن ورفاقه المجاهدين بأن المقاومة هي السبيل الوحيد لاسترجاع المغتصب من الأرض، "ما أخذ بالسيف، بالسيف يؤخذ"؛ ولم يهادن ولم يساوم ولم يسلّم السلاح رغم كل المغريات التي عرضت عليه، واختار المنفى في الصحراء، واستمر بحرب العصابات ضد المحتل حتى رضخ المستعمر لمطالب الثوار وصدر العفو عنه وعن رفاقه وعاد إلى وطنه عودة الأبطال المحررين.

كان صاحب رأي واضح وحاسم وحصيف، وكان يؤمن بحرية الإنسان في معتقده الديني والسياسي، لذلك كان من أشد المقاومين للديكتاتورية في فترة حرجة من تاريخ سورية في الخمسينات من القرن الماضي، ولكنه آثر النفي مرة أخرى حتى لا يكون السبب في تقاتل أبناء الوطن الواحد، وعاد بعد سقوط هذه الديكتاتورية.

لقد كان، رحمه الله، من أشد المؤيدين للوحدة العربية بين سورية ومصر، كما كان من مؤيدي الفكر السياسي التقدمي في البلاد، حيث قدم الدعم للبعث العربي الاشتراكي الذي كان ابنه منصور مؤمناً به ومن مؤسسيه.

إن تاريخ هذا الرجل الفذ معين لا ينضب، نستلهم منه الكثير، هويته القومية العربية والوطنية الخالصة وعدوه الطائفية والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد؛ وقد شاء القدر أن توضع قيادة الثورة في يده لما يتمتع به من صفات لا توجد إلا في القادة العظماء الذين يصنعون تاريخ بلادهم.

 

أيها الحفل الكريم،

 

بالأمس البعيد كرّم الرئيس الخالد حافظ الأسد المجاهدين والثوار ببناء النصب التذكاري لشهداء الثورة السورية الكبرى والذي سيضم اليوم رفات قائدها العام سلطان باشا الأطرش. ومنذ تولّيه مهامه الدستورية، يتابع السيد الدكتور بشار الأسد تنفيذه خطوة بخطوة، ويذلّل الصعوبات التي تعترض هذا التنفيذ سواء كانت مادية أو لوجستية، وآخرها كان تقديمه التمويل اللازم لإنجاز الأعمال الفنية التي تخلّد تاريخ الثورة السورية الكبرى؛ كذلك توجيه سيادته بتقديم كل التسهيلات والإمكانات لإنجاز هذا الاحتفال بما يليق بصاحبه في هذا اليوم التاريخي والذي يصادف عيد القوى الجوية في الجيش العربي السوري، هذه القوى التي سطّرت ملاحم من البطولة في تشرين التحرير عام 1973 .  

إن نقل رفات القائد العام للثورة السورية الكبرى إلى صرح الثورة في هذا اليوم بالذات إنما هو تعبير عن تواصل الماضي بالحاضر واطمئنان للمستقبل بأن المسيرة النضالية التحررية لسورية مستمرة وفي أيد أمينة.

إن هذا الصرح العظيم الذي نحن فيه اليوم والذي سيضم رفات رمز من رموز النضال التحرري الوطني والقومي، إنما هو يخلّد قيم المقاومة والوحدة الوطنية وهو مصدر إشعاع ننشر من خلاله ثقافة المقاومة والوعي لدى الأجيال القادمة لأهمية هذه الثقافة وتلك القيم.

من أجل تحقيق هذا الهدف لا بد من أن نقدم ما نملك من مقتنيات تخص الثورة السورية لتكون شاهداً على عظمة جهاد أجدادنا وأهلنا وعظمة تاريخ بلدنا الحبيب.

إن الأعمال الإنشائية للمشروع ستنتهي قريباً ويبقى أن نقوم، نحن أحفاد المجاهدين، بدورنا في تقديم شواهد تخلّد التاريخ المجيد لأجدادنا ليكون جاهزاً وعلى أكمل صورة في السابع عشر من نيسان يوم الجلاء العظيم، ذكرى استقلال الوطن، لنبدأ مرحلة أخرى وهي استثمار هذا الصرح  العظيم بما يخدم الفكرة من إنشائه.

أيها الحفل الكريم،

لقد جاء في وصية سلطان إلى أبنائه وأحفاده العرب أن "عودوا إلى تاريخكم الحافل بالبطولات الزاخر بالأمجاد، إني لم أرَ أقوى تأثيراً في النفوس من قراءة التاريخ لتنبيه الشعور وإيقاظ الهمم لاستنهاض الشعوب لتظفر بحريتها وتحقق وحدتها وعزتها وكرامتها وترفع أعلام النصر".

ونحن بدورنا نقول لروحه الطاهرة وذكراه الخالدة: إن الشعب العربي السوري هو خير من يقرأ التاريخ ويستفيد من دروسه من أجل الحفاظ على الاستقلال والحرية التي منحها له الأجداد. وهو شعب يقوده رجل شجاع قرأ التاريخ وفهم حقائقه ووعى تأثيره في النفوس وأهميته في بناء المستقبل وتحرير الأرض والإنسان. وما تقديره لرجالات الوطن أمثال سلطان باشا الأطرش إلا مثال حي على هذا الفهم وذلك الوعي.

وفي الختام، لا بد لي من كلمة شكر باسمكم جميعاً وباسم أحفاد سلطان ورفاقه المجاهدين للسيد الرئيس الدكتور بشار الأسد على كل ما قدمه من أجل الحفاظ على تراث الجهاد والمجاهدين. وأقول لسيادته: إن من يكرّم الثوار والمجاهدين الذين ساهموا في رفع شأن بلادهم وتحريرها ويتمسك بالحقوق الوطنية والقومية، لا يمكن إلا أن يشد أحفاد المجاهدين على يديه لتحقيق ما تصبو إليه الأمة العربية من استرجاع المغتصب من الأرض والحقوق والكرامة العربية. والسلام عليكم. 
الصفحة الرئيسية
لماذا هذا الموقع
السيرة الذاتية
بيان إلى السلاح
أهم المعارك
وصية سلطان باشا الأطرش
مقالات
في عيون الشعر
وثائق
تسجيلات
معرض الصور
أهم المراجع