سلطان باشا الأطرش - مقالات
 
 
عودة تنفيذ جدارية هي الأكبر من نوعها في سورية في ضريح البطل سلطان باشا الأطرش

تنفيذ جدارية هي الأكبر من نوعها في سورية في ضريح البطل سلطان باشا الأطرش

05/11/2010

تتناول الجدارية الأحداث التي مرت بها سورية من عام 1916 إلى 1927

بالقرب من مدينة السويداء وعلى بعد حوالي 14 كيلومتراً يطل القادم على قرية القريا مسقط رأس سلطان باشا الأطرش، وهو ابنٌ لرجل دين كان له الكثير من الحضور والتقدير في جبل العرب، ورغم أن سلطان هو الابن الأكبر، إلا أن والده كان يعرف بأبي علي وهو اسم لأحد إخوة سلطان، وهذا خروج عن عرف الشهرة باسم الابن الأكبر لأن أبا علي كان يرفض أن يدعى بأبي سلطان، زهداً منه وحرصاً على عدم تجاوز حدود التواضع الذي عرف به وكان من أهم الصفات التي تحلى بها سلطان من بعده، فكان حديثه يخلو ليس من الإشارة إلى الأنا فحسب، بل وإلى النحن أيضاً! وكان عندما يُسأل عن الثورة يقول: «من قام بها هم مرقعو العبي» في إشارة إلى عموم أفراد المجتمع بمن فيهم أبسط القوم، وإذا تحدث عن صد الحملات الفرنسية التي شارك بها تحدث بضمير الغائب وقال هم أو الثوار أو المجاهدون من فعل كذا وكذا، مسقطاً من حديثه الإشارة إلى الأنا أو النحن!

الكثيرون منا يخطئون بتعريف تسمية قائد الثورة السورية الكبرى ويقولون: السلطان باشا الأطرش! رغم أن سلطان كان الأبعد عن معنى كلمة السلطان فاسمه هو سلطان بدون أل التعريف!


سلطان باشا الأطرش

إنه - قبل أن يهب مشاركاً في الثورة العربية الكبرى - كان فلاحاً، ينتمي بكل معاني الانتماء إلى الأرض، وبعد أن قاد الثورة السورية الكبرى إلى الاستقلال، عاد فلاحاً، يزرع ويحصد الأرض، ويأكل من خيرها، ورغم أنه رفض الباشاوية من العثمانيين، إلا أنه قبلها من الملك فيصل الأول بعد مشاركته في الثورة العربية الكبرى، ولقب الباشا هذا هو رتبة عسكرية لا أكثر، ولم يغر سلطان الإفادة منه بعد قيادته للثورة وتحقق الاستقلال!

إن زيارة لمضافته التي ما زالت تعبق برائحة حضوره وتواضعه ستخبرك بمدى شموخ هذا الرمز الذي قاد ثورة كان شعارها «الدين لله والوطن للجميع»، ففي مضافته البسيطة المقابلة للصرح المتسامق بفعل تضحيات الثورة، لن تجد الفارق لصالح الصرح بقدر ما ستجده لصالح المضافة التي ستأخذك إلى مزيد من التعلق بهذه الأرض وأنت تجلس قرب المكان الذي اعتاد الجلوس فيه، وستتفاجأ لو عرفت أن جلسته لم تكن في صدر المضافة بل على بعد خطوات إلى اليمين من مدخل الباب، وكأنه الضيف في مضافته، وبين كل هذه البساطة وكل هذا الشموخ والزهو بإنجازات هؤلاء الثوار الذين انتصروا بمحبة الأرض والدم على الاستعمار وقادوا إلى الاستقلال، ستقف بلا شك على درس في محبة الوطن، يقال بصمت وبتواضع يبلغ نهايات الروح، ولا يبلغه كل الكلام، فعلى ضفاف هذا التواضع الكبير وتلك المحبة لكل سورية، دعونا نتعرف على هذا الصرح الذي يليق بهذا الفلاح القائد.


مضافة سلطان باشا الأطرش
مواجه ضريح البطل

مع حفيد سلطان باشا الأطرش:
«اكتشف سورية» تابع اللمسات الأخيرة لإتمام الجدارية الفسيفسائية التي تحتل القسم العلوي من الصرح، والتي تصور أبرز محطات النضال الوطني للتحرر من الاستعمار، وفي سياق التعرف عن كثب على هذا الصرح ومحتوياته التقينا بداية المهندس ثائر الأطرش حفيد قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، وكان السؤال الأول عن الفكرة الكامنة وراء التصميم المعماري لشكل الصرح والرمزية التي يعنيها، حيث أجاب:
عندما كان سلطان يُسأل عن الثورة كان يتحدث عن رفاقه، والفكرة في تصميم الشكل الخارجي والداخلي المعماري لهذا الصرح تأتي من هنا، فشكل الصرح يأتي دائرياً ويتخلله 16 من الأعمدة التي ترمز إلى رفاق السلاح بينما يتوسطها ضريح قائد الثورة تحت مركز القبة التي تعلوه، ما يشير إلى احتضان هؤلاء الرفاق لقائدهم، والشكل الخارجي للأعمدة والقبة التي تتركز داخلها يشير رمزياً إلى شكل الشعلة، وهذا يبرز ليلاً من خلال الإضاءة، في إشارة أخرى إلى الطريقة التي كانوا يتداعون بها إلى الجهاد وذلك من خلال إشعال النار في أعلى قمة جبل قليب من جبال السويداء، ويأتي الإكساء الكامل من الخارج بالحجر الأسود ليدلل على مدى الانتماء إلى المكان والأرض، التي جسدها فكراً وقولاً قائد الثورة، ومن الجدير قوله هنا إن كل عناصر ومفردات البناء كانت من الأرض السورية وهذا كان مقصوداً.


المهندس ثائر الأطرش

أما فكرة الصرح الذي يخلد الثورة السورية الكبرى في بلدة القريا، فتأتي من المكان الذي ينتمي إليه سلطان باشا الأطرش وبداية شرارة انطلاقها، إذ أصبح هذا القائد والمكان رمزاً مشتركاً ولا ينفي بالطبع مشاركة الآخرين في هذه الثورة وصولاً إلى الاستقلال من المستعمر، فهذه الثورة انطلقت من هنا ولكن كانت لكل سورية، كما هو الأمر الآن فهذا المكان بما يمثل من رمزية هي لكل أفعال النضال الوطني الوحدوي بكل أطيافه.

يأتي تنفيذ هذا الصرح في الساحة المجاورة لبيت قائد الثورة للتأكيد على هذا المشترك بين المكان كأرض وفكر يشمل رمزياً كل الأرض السورية وفكرة وحدتها وهو ما حرصت على طرحه شعارات الثورة، حيث امتدت من هنا إلى بقية الأراضي السورية ما بين عامي 1925 إلى 1927، لذا فإن هذا المكان يحمل قيمة تاريخية، وبالرجوع إلى بيان الثورة (إلى السلاح إلى السلاح) الذي احتوى استعادة كل البلاد السورية ورفض فكرة التقسيم إلى دويلات وطوائف، فإن هذا الصرح يخلد تلك المرحلة من نضال الشعب السوري ضد الاستعمار، وذلك بأكثر من شكل ومعنى يحتويه هذا الصرح.


ضريح البطل
سلطان باشا الأطرش

بالحديث عن ما يحتويه هذا الصرح، حبذا لو عرفتنا على أقسامه؟
أبرز ما يحتويه هذا الصرح:
1- الجدارية التي تقع تحت القبة والتي تصور بشكل إضاءات مراحل النضال في سورية وتبلغ مساحتها الإجمالية 130 متراً مربعاً.
2- لوحات مكتوب عليها أسماء الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن في كل أنحاء سورية ما بين عامي 1925 و1937.
3- مكتبة تحتوي كل ما كتب أو سوف يكتب عن الثورة لتكون مركزاً بحثياً تاريخياً.
4- قاعة محاضرات تستوعب بحدود 300 شخصاً يمكن أن يقام فيها أنشطة ثقافية تاريخية، ترسخ قيم ومبادئ الثورة في أذهان الأجيال القادمة وأهم هذه القيم الوحدة الوطنية المتمثلة في شعار الثورة «الدين لله والوطن للجميع».
5- المتحف العام والخاص واللذان يضمان مقتنيات الثوار من وسائل قتالية بدائية استخدمت في مراحل الثورة.
6- الضريح.


مضافة البطل الراحل
سلطان باشا الأطرش

إضافة للصرح لا يمكن فصل المضافة والمنزل عن الصرح لرمزية ما يمثلانه، فهل تحدثنا عنهما؟
المضافة الحالية والبيت بناهما سلطان باشا الأطرش عند عودته من المنفى عام 1937 بعد أن دمر القصف الفرنسي منزله القديم، وقد بني البيت على دفعات، أما المضافة فقد بنيت عام 1941، حيث عاش سلطان باشا الأطرش فيهما من عام 1937 وحتى عام 1982، وهذان المبنيان وإن كانا لم يعاصرا أيام الثورة إلا أنهما عاصرا كل الأحداث التي جاءت بعدها حيث بقي سلطان حاضراً في كل هذه الأحداث وفاعلاً بها، وكانت المضافة المفتوحة لاستقبال الزوار والضيوف تحمل استمرارية رمزية لتواجد قائد الثورة بما يحمل هذا من انفعال بقرب هذا الرمز منا، ومدى تواصله معنا، وهذا سبب تواجدهما في منطقة بناء الصرح.


سلطان باشا الأطرش

كيف تحدثنا عن سلطان باشا الأطرش؟
سلطان باشا قائد عسكري عام للثورة وقد لقي عند وفاته كل مراسم التشييع والدفن الخاصة بقائد عسكري، حيث نعاه الرئيس الراحل حافظ الأسد، ونقل جثمانه بطائرة مروحية عسكرية, طارت فوق كل الأمكنة التي شهدت معارك عسكرية في محافظة السويداء، وصولاً إلى الملعب البلدي حيث حمل على عربة مدفع ولف بالعلم السوري، ومن شدة الزحام حينها حمل عالياً على أكف ضباط الجيش السوري لأربع ساعات ودفن مؤقتاً بالقرب من منزله، حيث نقلت رفاته إلى داخل الصرح بمراسم عسكرية رسمية وبتمثيل من السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد وعلى ذات عربة المدفع.

سلطان باشا الأطرش يمثل رسالة وطنية مستمرة في الزمان والمكان ويمثل رمزية خاصة لحالة وطنية نضالية، ومن الهام أن أشير إلى أنه وبعد انتهاء الثورة ونيل البلاد لاستقلالها، لم يستثمر مكانته بل عاد إلى أرضه وقريته ليعيش فلاحاً بسيطاً يأكل مما يزرعه، لقد كان بسيطاً بمأكله ولباسه وحديثه كأي فلاح من هذا الجبل، وهنا تكمن خصوصيته في أنه استطاع الجمع بين قوة القائد الذي انتزع حق بلاده من المستعمر ورفض تسليم السلاح وفضل النفي عليه، وبين محبة الفلاح لقريته وأرضه.

ماذا يقول حفيد قائد الثورة أخيراً لاكتشف سورية؟
من حسن طالعي أني حفيد سلطان باشا الأطرش بالدم، مختلفاً بهذه النقطة وحسب عن الجميع الذين يعتبرونه جداً لهم. ومن حسن طالعي أني مهندس وكنت ضمن فريق العمل الذي أسهم في تنفيذ هذا المشروع وصولاً إلى التدشين.

وأحب هنا أن أتوجه بالتحية إلى روح المرحوم المهندس المعماري فريد إبراهيم دوماني الذي صمم هذا الصرح ولكل الزملاء اللذين تشاركت معهم إنجاز هذا الصرح الوطني.


الجدارية الأكبر من نوعها في سورية:
وللتعرف على هذه الجدارية الفسيفسائية التقى «اكتشف سورية» مصمم فكرتها بالمشاركة - مع الفنانين نبيل السمان وغسان النعنعإدوار شهدا الذي تحدث عنها من الناحية المعمارية والفنية حيث يقول: تبلغ مساحة اللوحة الجدارية 130 متراً مربعاً ومنفذة بشكل دائري بارتفاع 3.75 متر والشكل الدائري لهذا العمل يأخذ الشكل المضلع حيث تنقسم اللوحة إلى 16 ضلعاً متدرج الانحراف بعرض تقريبي 2.35 متر. ويلخص العمل الأحداث التي مرت بها سورية بنضالها الوطني من عام 1916 (عام الثورة العربية الكبرى) وانتهاء بعام 1927 (عام انتهاء الثورة السورية الكبرى). والعمل منفذ بمادة الحجر السوري الطبيعي الملون (موزاييك).


التشكيلي إدوار شهدا
بالقرب من الجدارية في ضريح
البطل سلطان باشا الأطرش

الفنان إدوار شهدا يحدثنا عن أقسام العمل:
ويتابع الفنان شهدا حديثه عن هذا العمل بالقول:
يتوزع العمل على أربع لوحات ثلاثية، يفصل بينها لوحة واحدة تمثل حصاناً ويختزن حالة تعبيرية تمهد لفكرة اللوحة التالية، ويأتي رمز الحصان من رمزية العنفوان التي يجسدها الحصان العربي.

ولتنفيذ هذا العمل بالتعاون مع الفنانين غسان النعنع ونبيل السمان أُخترتُ لوضع التصاميم، هذا بعد أن جمعنا الوثائق وقمنا بقراءة كل ما هو متوفر ومتعلق بأحداث الثورة السورية الكبرى بما في ذلك الوثائق المصورة من لباس وأسلحة وبيارق، حتى أننا زرنا الأمكنة التي حدثت بها المعارك، وقد كان بذهني تصوير الأشخاص بشكلهم المعروف وقد قدمت الدراسة الأولى على هذا الأساس، لكن ومن خلال الحوار اقترح علي الفنانان المشاركان عدم توضيح الوجوه بل الإيحاء إليها انطلاقاً من فكر سلطان باشا الأطرش الذي كان يرفض الإشارة إلى نفسه عند الحديث عن الثورة، وكان هذا حلاً توافقياً مما أدى إلى مراجعة التصاميم وإلغاء الشبه والاكتفاء بالإيحاءات، أكان في اللباس أو في الحالة أو المكان أو التاريخ.

وقد كانت فكرة تنفيذ العمل أن يكون بألوان زيتية لكن بعد معاينتنا للمكان اقترحنا أن ينفذ بالموزاييك من أجل ديمومة العمل ثم أعدت التصاميم على هذا الأساس.

ثلاثية من الجدارية

أما بالنسبة للوحات فقد كانت على الشكل التالي:
اللوحة الأولى: وتنقسم إلى ثلاثة أجزاء، وتمثل بمجملها مرحلة الثورة العربية الكبرى من عام 1916 إلى 1919 وتمثل بقسمها المركزي رفع العلم العربي فوق دار السرايا بدمشق، مع شخصيات مختلفة تمثل كافة شرائح المجتمع السوري التي ناضلت ضد الاستعمار العثماني ولاحقاً ضد الاستعمار الفرنسي وذلك في مقدمة اللوحة، أما قسمها الأيمن فيمثل مشهداً لشهداء 6 أيار إضافة لثورة الشيخ صالح العلي وثورة إبراهيم هنانو في الشمال.

القسم الأيسر من اللوحة يمثل معركة ميسلون والتي كانت المرحلة الفاصلة لدخول الفرنسيين إلى سورية وبدء النضال ضدهم، أما الإضافة في معركة ميسلون فتتمثل في العنصر النسائي الغائب عن الأذهان، حيث تبرز نازك العابد وهي ترفع العلم السوري، وهذه المرأة شاركت في المعارك وحاولت إنقاذ يوسف العظمة أثناء إصابته.

وبنهاية اللوحة الأولى سنكون أمام فاصل، هو عبارة عن حصان يتخذ شكل المهر وهذا إشارة إلى فتوة الثورة التي بدأت من جبل العرب حيث نجد بعض أسماء الأماكن التي حدثت بها أهم معارك الجبل.


تفصيل من الجدارية

اللوحة الثانية: يمثل القسم الأيمن من اللوحة الأهالي والمجاهدين، أما القسم الأيسر فيمثل العدو وسلطات الاحتلال، بينما الوسط يمثل الحدث الرئيس وهذا ينسحب على كل اللوحات، وبالعودة إلى القسم الأيمن ففي الجزء العلوي منه دائرة كبيرة تمثل مشهداً من المعارك الرئيسية أما القسم الأسفل من اللوحة الوسطى فيمثل معركة السويداء الكبيرة. وفي القسم الأيسر من اللوحة الثانية نجد جنود الاحتلال الفرنسي وسقوط الطائرات الفرنسية، أما الفاصل الثاني فيمثل حصاناً بحالة نهوض وتحيط به أسماء أماكن ثورة دمشق والغوطة.

اللوحة الثالثة: القسم العلوي الأيمن يمثل مجموعة من قادة الثورة الدمشقية يتوزعون ما بين المجاهد والسياسي والنساء المناضلات، فالثورة آنذاك كانت قد أخذت أشكالاً أخرى ومنها النضال السياسي الذي شاركت به كافة فئات المجتمع، واستمراراً لهذا القسم من الأسفل سنرى بداية المعارك التي جرت في الغوطة.

بالنسبة للقسم الأوسط من اللوحة، فيصور في قسمها العلوي قصف دمشق بالطيران الفرنسي والحريق الكبير الذي دمر منطقة الحريقة، إضافة لمشهد من شهداء دمشق الذين أعدمهم الفرنسيين وتم عرضهم في ساحة المرجة لإرهاب السكان، والقسم الأسفل منها يرصد استمرار معارك الغوطة ودمشق، أما القسم الأيسر فيمثل مشهد تدمير الفرنسيين للأماكن الأثرية في دمشق، بينما المشهد في أسفل اللوحة يمثل إحباط الجنود الفرنسيين.

أما في داخل العمل فنقرأ أبياتاً من الشعر الذي رصد هذه الأحداث لأحمد شوقي، وغيره من الأشعار التي تشير إلى ثورة دمشق.
الفاصل الثالث يمثل حصاناً قوياً ويشير إلى مرحلة اشتداد الثورة ونضوجها، أما أسماء الأماكن فنراها تمتد لتشمل كافة المناطق في سورية.

اللوحة الرابعة: القسم الأيمن منها يشير إلى مشاركة بدو المنطقة الشرقية وتدمير خط القطار القادم من حلب إلى رياق، بينما في قسمها الممتد من الوسط إلى الأسفل نرى مجموعة من الثوار يحملون العلم السوري، أما في قسمها الأوسط فسنجد إشارة إلى ثورة حماة وتدمير بعض أحيائها بفعل القصف الفرنسي، وهكذا يصور القسم الأخير منها مشاهد أخرى من تدمير المدينة بقصف الطيران والمدفعية.


الحصان في الجدارية

أما الفاصل الأخير فيصور حصاناً في حالة الأسر إشارة إلى نفي قادة الثورة إلى منطقة الأزرق ووادي السرحان في شرق الأردن، حيث استمر النفي إلى عام 1937 وهكذا تكون الجدارية قد رصدت مرحلة النضال العسكري، حيث بدأت مرحلة أخرى من النضال السياسي لنيل الاستقلال ويشار إليه بالعلم السوري الجديد المختلف عن العلم العربي.

هلا تحدثنا عن الجانب الفني والتقنيات التي اتبعت في إنجاز هذا العمل؟
في الجانب الفني استخدمت عنصر التجريد الهندسي كأرضية لحمل الأحداث، فاستخدمت الدائرة والعناصر الحلزونية للإشارة إلى الاستمرارية إضافة إلى الشكل المثلث، هذا الرمز الهام في الثقافة السورية، إضافة لبعض الإشكال الزخرفية بالفواصل والتي أهدف من خلالها الإشارة إلى ثقافة المناطق السورية عن غيرها من خلال هذه الرموز الزخرفية، وهذه الأشكال الهندسية ساعدتني على إيجاد عامل التمايز بين الأحداث ليسهم هذا في سهولة قراءة العمل.

كيف يحدثنا الفنان إدوار شهدا عن تشاركية تنفيذ هذا العمل، لا سيما مع وجود فنانين هما نبيل السمان وغسان النعنع؟
تم تنفيذ العمل من خلال عملنا كفريق متكامل حيث قسم علينا نحن الثلاثة، فانا أنجزت تصميم العمل، أما الفنان غسان النعنع فقد قام بنقل العمل إلى لوحات زيتية حيث ستعرض هذه الأعمال في الرواق المؤدي إلى الضريح، والفنان نبيل السمان قام بمتابعة تنفيذ مراحل العمل من خلال إشرافه على ورشات تنفيذ أعمال الموزاييك، كما اهتم بتجميع الوثائق وتقديم البحث التاريخي الخاص بالعمل.


التشكيلي نبيل السمان
بالقرب من الجدارية في ضريح
البطل سلطان باشا الأطرش

ومع الفنان نبيل السمان:
كما التقى «اكتشف سورية» الفنان نبيل السمان للتعرف على دوره في إنجاز هذا العمل الوطني حيث قال:
قمت وزملائي بتأمين العديد من المصادر التاريخية المكتوبة والوثائق المختلفة التي تعنى بزمن الثورة السورية الكبرى، حيث قمنا بتقديم تصورات حول تصميم العمل وارتأينا أن يكون الفنان إدوار شهدا مصمم العمل حفاظاً على وحدة التصميم لناحية الرؤية الفنية وكنا نلتقي لنقدم رؤانا حول تطور هذه التصاميم حتى وصلت إلى ماهي عليه.

أما تحويل هذه التصاميم إلى عمل جداري فقد كان يحتاج إلى متابعة وإشراف دقيق على مراحل إنجاز وتطور العمل للحفاظ على فنيته، لا سيما وأن هذا التحويل كان يتم عبر الحجر الملون (فسيفساء)، وتتجلى صعوبة الإشراف على هكذا نوع من الأعمال في تنوع أطياف الحجر اللوني حيث يوجد على سبيل المثال أكثر من عشرين تدريجاً لونياً للأبيض، وكان من الضروري أن تأخذ الألوان مكانها، حفاظاً على التدرجات المطلوبة، وكان ذلك يقتضي متابعة دقيقة لتدرج الانحراف في التضليع في أجزاء العمل للوصول إلى رؤية صحيحة من مختلف الزوايا.


منظر عام للجدارية في
ضريح البطل سلطان باشا الأطرش

لقد استخدم في هذا العمل أكثر من مليون ونصف من قطع الأحجار الملونة، لتشكل عملاً جدارياً بلغت مساحته 130 متراً وهو الأول من نوعه في سورية، وتأتي أهمية هذه الجدارية البانورامية المعاصرة فنياً من مادتها الممتدة في عمق الأرض والتاريخ السوري، وبطريقة تصويرها التي تعتمد العمل الدرامي المتتابع الذي يسجل بطريقة الفلاشات أهم المحطات النضالية في سورية، لتكون هذه الجدارية مكاناً تستطيع الأجيال الجديدة منه استلهام محبة الأرض ومعاني التضحية والانتماء.

الفنان غسان النعنع:
أما وقفتنا الأخيرة فكانت مع الفنان غسان النعنع لنتعرف منه على دوره في إنجاز هذه الجدارية، حيث قال:
لقد أعدت إنتاج تصميم اللوحة الجدارية بالألوان الزيتية من خلال تصوير 16 لوحة وقياس كل منها (60- 100) والتي تمثل مجموع اللوحات الأربع والفواصل الأربع، بالإضافة إلى المشاركة في تقديم التصورات في المراحل السابقة للتصميم النهائي، والإشراف على العمال في ورشة العمل أثناء تنفيذ العمل وتركيبه. وبالمقارنة بين الجدارية والأعمال الزيتية التي رسمتها ستلاحظ بعض الفوارق لجهة الأثر الشخصي والطريقة في الرسم.

عمار حسن
تصوير: عبد الله رضا

اكتشف سورية



الخبر من موقع اكتشف سوريا:
www.discover-syria.com/news/6665
الصفحة الرئيسية
لماذا هذا الموقع
السيرة الذاتية
بيان إلى السلاح
أهم المعارك
وصية سلطان باشا الأطرش
مقالات
في عيون الشعر
وثائق
تسجيلات
معرض الصور
أهم المراجع