|
كانت مجلة بيروت المساء اللبنانية، لصاحبها السيد أمين الأعور، قامت بنشر بعض حلقات من ذكريات المرحوم سلطان باشا الأطرش التي سجلها السيدان صلاح مزهر ويوسف الدبيسي، وكلاهما من أبناء مدينة السويداء. وكان المذكوران باعا حق النشر للسيد أمين الأعور بمبلغ زهيد لم يتجاوز (17) ألف ليرة لبنانية في ذلك الزمان. وفي يوم من الأيام، أرسل المرحوم الباشا في طلبي وطلب إليّ السفر إلى بيروت ومقابلة السيد أمين الأعور والطلب منه أن يتوقف فوراً عن متابعة نشر الحلقات الباقية من ذكرياته، وأوصاني أن أعلمه أنه على استعداد لدفع كل النفقات التي تكبدتها المجلة، سواء ما دفعته للسيدين مزهر والدبيسي أو ما أنفقته على الطباعة وخلاف ذلك. ولما أردت أن أستوضح من عطوفته عن الأسباب التي تحمله على ذلك، قال: «هي أسباب خاصة»، ثم أردف يقول « تتعلّق بالأمانة التاريخية والحرص على ما كنا أردنا أن يصل إلى أسماع الناس». ولم أبحث في التفاصيل احتراماً لرغبة المرحوم سلطان باشا. فقمت بالسفر إلى بيروت وقابلت أمين الأعور وبلّغته رغبة الباشا. فلم يتردد في إعادة المخطوط إليّ؛ ولما عدت إلى القريّا سألني الباشا عن مبلغ النفقات، فقلت له أمين الأعور يطلب كذا، فقال: «حباً وكرامة». ثم تفقد المخطوطة فوجدها ناقصة، وأرسلني ثانية إلى بيروت لإحضار باقي الأوراق؛ فقمت بالسفر إلى بيروت حاملاً أيضاً المبلغ المطلوب. وعرفت من أمين الأعور أن المبلغ المطلوب يزيد قليلاً عن الطلب السابق، فوعدته خيراً وحصلت على الأوراق الباقية عنده، وعدت إلى القريّا. ولم يتوانَ المرحوم الباشا عن دفع باقي المبلغ معرباً عن شكره ومفصحاً عن رغبته القاطعة « بأنه لا يرغب في نشر ذكرياته تلك وأنه ترك الأمر لذويه في المستقبل».
هذا ما قمت به بتكليف من المرحوم سلطان باشا الأطرش أدوّنه بدقة بناء على طلب ولده منصور الأطرش ووكيله القانوني الأستاذ مظهر العنبري.
الشيخ حسن الخطيب 1983 |
